الأوضاع في سجون الاحتلال بلغت حداً من السوء
أكد عبد الخالق النتشة القيادي في حركة حماس والأسير في سجون الاحتلال أن الأسرى ينظرون إلى التهدئة التي تم التوصل إليها مع الاحتلال برعاية مصرية أنها مصلحة وطنية عليا، داعياً جميع الفصائل إلى النظر من هذه الزاوية.
كما حث الأسير النتشة في حوار وزع على وسائل الإعلام جميع الفصائل الفلسطينية الالتزام بما تم التوافق عليه، معبراً عن أمله أن تنجح هذه التهدئة وأن تستمر وأن يوفر لها كل أسباب النجاح، مؤكداً أن الأسرى ينظرون إليها معبراً حقيقياً للوصول إلى الحوار المطلوب والمصالحة المرجوة.
ورأى النائب عن كتلة التغيير والإصلاح والمعتقل أن موضوع "صفقة شاليط" من أدق الموضوعات وأخطرها، "وهو موضوع حساس لكل الأسرى ولذويهم ولكل الشعب".
وأعرب عن ثقته التامة والأسرى بآسري الجندي الصهيوني "شاليط"، مؤكداً أنهم يعرفون المطلوب تماماً وما يحقق المصلحة للأسرى وللشعب.
وأوضح أن القضية الفلسطينية مرهونة دوماً بالفيتو الأمريكي، مؤكداً أنها ستبقى وصمة عار في جبين من يدّعون أنهم مع حق تقرير المصير للشعوب ومع الحرية والاستقلال، لا سيما الإدارة الأمريكية.
وأكد أن الأيام القادمة هي أيام نصر وعودة للاجئين بإذن الله، وأضاف" أنا مؤمن وواثق بقدرة هذا الشعب وأن الله لن يترنا أعمالنا و صبر شعبنا في غزة هاشم أكبر مثال على أننا نستحق النصر فرغم كل الذي حصل من حصار وتجويع إلا أننا لم نتنازل عن ذرة من ترابنا العزيز".
وأشار إلى أن الأوضاع في سجون الاحتلال بلغت حداً من السوء في ظل السياسة المتبعة من قبل مصلحة السجون، لا سيما فصل الأقسام في داخل السجن الواحد، وعزل عدد لا بأس به من قيادات الحركة الأسيرة، إلى جانب الفصل بين الأسرى أبناء فتح وحماس وخاصة السجون المهمة، الأمر الذي أثر على الحياة الجماعية لجموع الأسرى، مؤكداً وجود عمليات ابتزاز وإهانة مستمرة لقيادات الحركة الأسيرة.
وفيما يلي نص المقابلة
بداية، هل لك أن تطلعنا على وضعكم و وضع الأسرى في السجون خاصة ظروفكم الصحية؟
الأوضاع في سجون الاحتلال بلغت حداً من السوء في ظل السياسة المتبعة من قبل مصلحة السجون، حيث قامت بداية بفصل الأقسام في داخل السجن الواحد، وقامت بعزل عدد لابأس به من قيادات الحركة الأسيرة، ثم قامت بعملية الفصل بين الأخوة الأسرى أبناء فتح وحماس وخاصة السجون المهمة، مما أثر على الحياة الجماعية لجموع الاسرى.
وهناك عمليات ابتزاز وإهانة مستمرة لقيادات الحركة الأسيرة، وكذلك للأخوة النواب والوزراء، عدا عن سوء الأوضاع الصحية، حيث الإهمال الطبي وكذلك سوء التغذية المدروس من قبل الإدارة، الأمر الذي يدفعنا للاعتماد على الكانتينا الخاصة.
كل هذه الأوضاع تؤثر على اتخاذ موقف جماعي واحد من قبل الفصائل، أما بالنسبة للوضع الصحي فهناك معاناة شديدة جداً لكثير من المرضى اللذين يحتاجون إلى عمليات وعلاج سريع، فيكون هناك التأخير والإهمال المتعمد لمثل هذه الحالات.
فمثلاً يوجد حالات مرضية مثل الأمراض المتعلقة بالمسالك البولية وغيرها تكون ملحة جداً ولا تحتمل التأخير، إلا أن شهور طويلة تمر على تلك الحالات دون علاج مما يتسبب للبعض بالإصابة بأمراض مزمنة حيث هناك أخوة فقدوا بصرهم بسبب عدم استجابة الإدارة لحاجتهم في زراعة قرنية أو غيره من العلاج الضروري في حينه للمرض، أما حالتي فالحمد لله أنا أعاني من ضغط الدم والأمراض الجلدية والمسالك البولية وحتى الآن أنا انتظر نقلي إلى طبيب.
*لقد برز اسمك أكثر من خلال وثيقة الأسرى فكيف جاءت بداية الفكرة؟ وهل وحدك من شارك الفصائل صياغتها ؟ وهل من وثيقة جديدة في طريقها إلى النور ؟
بداية ليست وثيقة الأسرى هي التي أبرزتنا وأنا معروف قبلها بسنين طويلة والحمد لله، كنا من أوائل الناس الذين رفعوا لواء الإسلام وحملوا الدعوة وعملوا على نشر الإسلام بفضل الله، فأسأل الله القبول، وسجون الاحتلال تعرفنا منذ العام 1984.
أما بالنسبة لوثيقة الأسرى وفكرتها، فهي كما يلي:
1-الإحداث التي حدثت في غزة بعد الانتخابات والتي على إثرها تم توجيه النداء من قبل رئيس المجلس التشريعي الدكتور عزيز الدويك بالدعوة إلى الحوار حينها، عرض علينا السيد عبد الرحيم ملوح أن نخرج بياناً أو ورقة لجماهير شعبنا بخصوص الأحداث، وبعد مناقشتها مع باقي الفصائل ومع الأخ مروان البرغوثي على وجه الخصوص، تم التوافق على أن يوسع البيان بحيث يشمل مقترحات وتوجيهات تقدم كوثيقة أو ورقة تكون أساساً للحوار.
2- تم تكليف لجنة من قبل الأخوة أعضاء الهيئة القيادية العليا المتواضعون في هداريم وهذه اللجنة عملت تنسيقاً كاملاً مع الأخوة في الجهاد الإسلامي وما كان يقدم مني أو من قبل الأخ مروان أو الأخوة في الجهاد كنا ندرسه دراسة متئنية، مع الأخوة المسؤولين في سجن هداريم.
فعقدنا جلسات داخلية عديدة ومع جميع الفصائل حتى توصلنا إلى التوافق على نتائج تلك المداولات، وقد كلفت من قبل الأخوة بالتوقيع على هذه الوثيقة وكان في هداريم ان ذاك الأخوة التالية أسماؤهم:" عبد الخالق النتشة، روحي مشتهى، جهاد يغمور، موسى دودين، عبد الناصر عيسى، علي العامودي".
3-لقد أخرجنا الوثيقة التوافقية إلى الأخوة في عدة مناطق خارج السجن قبل الإعلان عنها رسمياً يوم 11\5\2006.
مؤخراً عرض علينا الأخ مروان وثيقة جديدة عنوانها" نداء المصالحة" قمنا بدراستها وكان لنا تحفظاتنا عليها رغم ذلك أرسلناها إلى الأخوة في الخارج لإعطاءنا رأيهم فيها، إلا أنه وإلى الآن لم يصلنا الرد، ونعتقد أن وقتها قد انتهى الآن بسبب مستجدات حصلت بعدها.
وأستطيع القول بأن لا وثيقة جديدة في طريقها إلى النور الآن، إلا أننا نؤكد أننا مع أي جهد مبارك ومشكور يبذل من أجل لملمة الأوضاع وإعادة اللحمة الفلسطينية وإنهاء حالة الانقسام الموجودة، وهنا أود التأكيد على أننا توافقنا في الهيئة العليا أن لا نوقع على أي ورقة بإسم الهيئة إلا بعد مشاورة الأخوة في الخارج ومجلس الشورى للهيئة.
* كيف تقيّمون وثيقة الأسرى بعد عامين من إخراجها إلى النور ؟
بما أنني كنت من الذين شاركوا في إعدادها والتوقيع عليها وبغض النظر عن ردات الفعل التي حصلت أقول وبكل صراحة أنني معتز وأخواني بهذه الوثيقة، ونعتبرها الرافعة الايجابية لوحدة الصف الفلسطيني وتوحيده وهي بمثابة وثيقة تاريخية.
ولأول مرة تجمع تيارات الشعب الفلسطيني على ورقة تعد أساساً لأي حوار مستقبلي بينهم ، ونؤكد على أن ما تم من تعديل عليها إنما زادها نضارة وجمالاً وقوة وهي إحدى الركائز التي نطالب بتطبيقها في عملية المصالحة الفلسطينية، وبكل صدق أرى أنها لا زالت في مقدمة الركائز التي تعالج الحالة النفسية للواقع الحالي إضافة إلى اتفاق القاهرة واتفاق مكة.
* كثيرون من حمّل عبد الخالق النتشة المسؤولية الكاملة عن بعض الثغرات في الوثيقة ، فهل عبد الخالق وحده الذي شارك الفصائل بصياغتها؟ أم أن قادة آخرون في الصورة ، ومن هم ؟
أعتقد أنني قد أجبت عن الشق الثاني من هذا السؤال ،أما فيما يتعلق بالثغرات مع ملاحظه هامة جداً أننا نعتبر أن هذا الجهد هو جهد بشري يعتريه بعض الخلل هنا أو هناك إضافة لذلك أننا لم نعتبر الوثيقة قرآن منزل وإنما قلنا وبالحرف الواحد أننا نقدم هذا الجهد ليوضع على طاولة الحوار لعله يسهم في انجاز توافق وطني وهذا ما حصل بفضل الله بأن سميت هذه الوثيقة بوثيقة الوفاق الوطني.
ومما تم من تعديل على بعض النقاط زادها قوة وجمالاً وأنا أول من وافق وأيد هذا التعديل المهم على الوثيقة.
فمثلاً في المادة التي تتعلق بعودة اللاجئين كنّا قد طالبنا بتطبيق القرار (194) ولم نعلم حينها أن هذا القرار مذكور حسب الوثائق الدولية الرسمية من شقين الأول متعلق بتدويل القدس الأمر الذي نرفضه جملةً وتفصيلاً، وشقه الثاني متعلق بعودة اللاجئين وهذا ما نحن مجمعون وموافقون عليه، فحمدت الله كثيراً على هذا التعديل ولولاه لوقعنا في خلل كبير.
* ما هي فرص نجاح التهدئة التي تم إنجازها بوساطة مصرية ؟
بداية نحن ومن خلف قضبان الأسر نؤيد هذه الخطوة بكل قوة وجميع الأسرى لأننا ننظر إلى التهدئة على أنها مصلحة فلسطينية وطنية عليا، وعلى جميع الفصائل أن تنظر من هذه الزاوية، لذا نحث الفصائل جميعاً الالتزام بما تم التوافق عليه لأنه مصلحة الجميع خاصةً أهلنا وأحبابنا وإخواننا في قطاع غزة علماً أن القطاع صمد وصبر صبراً لم يصبره شعب آخر في العصر الحديث .
ومن هذا المنطلق، فإننا نرجو ونأمل أن تنجح هذه التهدئة وأن تستمر وأن يوفر لها كل أسباب النجاح وننظر إليها على أنها معبراً حقيقياً للوصول إلى الحوار المطلوب والمصالحة المرجوة والمؤدية إلى رص صفوف هذا الشعب واستعادة وحدته.
* كثر الحديث عن قرب تنفيذ صفقة تبادل للأسرى، كيف تتعاملون كأسرى وكقادة هذا الملف؟
هذا الموضوع من أدق الأمور وأخطرها على الإطلاق وهو موضوع حساس لكل الأسرى ولذويهم ولكل الشعب، ونحن نثق ثقة تامة بأن الأخوة آسري الجندي الصهيوني يعرفون المطلوب تماماً، وما يحقق المصلحة للأسرى ولشعبنا.
ونقول لهم الكل ينتظر ويراقب بدقة هذه اللحظة الطيبة، ونأمل من الله أن يوفقكم ويجري الخير على أيديكم، وأوجه هنا كلامي للأخوة الأسرى وذويهم وأقول لهم ثقوا أولاً بان الأمر بيد الله فمن كتب له الفرج فليحمد الله ومن لم يناله حظ الافراج فليصبر وليحتسب فالأمر كله بيد الله.
ثانياً، نحن حوالي 12 ألف أسير والمنطق يقول أنه سيتم اختيار عدد من هؤلاء لذلك أتمنى أن يخرج الأخوة القدامى وأصحاب الأحكام العالية والأخوة المرضى وكبار السن والأخوة النواب والأخوات النساء بشكل خاص ويعلم الله أنني لا أبالي بنفسي أبداً خاصة أمام كل الذي ذكرت من الأسرى.
* كيف ترى مستقبل القضية الفلسطينية بعد ستين عاما من النكبة،وهل اللاجئون أقرب للعودة من ذي قبل ؟
إن القضية الفلسطينية قضية حق وقضية عدل لذلك هي قضية مقدسة ورغم مرور 60 عاماً على نكبتنا و41 على نكستنا، وظلم العالم كله لنا وعدم اتخاذه موقف جريء اتجاهنا إلا موقف المتفرج على معاناة شعبنا وآهات أطفالنا (وهنا تأثر الشيخ كثيراُ).
ورغم العنجهية الصهيونية والصمت الدولي خاصة من قبل الأمم المتحدة التي تتدخل في حسم كثير من القضايا الدولية إلا قضيتنا المرهونة دوماً بالفيتو الأمريكي وستبقى وصمة عار في جبين من يدّعون أنهم مع حق تقرير المصير للشعوب ومع الحرية والاستقلال وخاصة أمريكا التي تتغنى بالديمقراطية المزعومة. وعلى أرض الواقع لا نرى سوى العربدة على العالم وممارسة كل الوسائل غير الشرعية والظالمة والمجحفة، والاعتداءات والقتل والتدمير اتجاه الشعوب المخالفة لها والرافضة لسياستها.
رغم كل ذلك، أؤكد أننا سننتصر بإذن الله لأننا مؤمنون بعدالة قضيتنا ولأننا نحمل عقيدة قوية وإيمان راسخ وإرادة صلبة في استرجاع حقنا وعودة أرضنا المقدسة.
وإنني اعتقد بأن الأيام القادمة هي أيام نصر وعودة للاجئين بإذن الله ، وأنا مؤمن وواثق بقدرة هذا الشعب وأن الله لن يترنا أعمالنا و صبر شعبنا في غزة هاشم أكبر مثال على أننا نستحق النصر.
فرغم كل الذي حصل من حصار وتجويع إلا أننا لم نتنازل عن ذرة من ترابنا العزيز، وأطمئن شعبنا مستذكراً قول الشيخ أحمد ياسين ( بأن القوي لا يبقى قوياً وأن الضعيف لا يبقى ضعيفاً ) وأن نار الضعاف ستحرق كبرياء المتعالين والمستكبرين بالأرض وإن أملنا بالله عز وجل كبير جداً بأن يمن علينا بنصر من عنده يعز به أوليائه ويذل به أعدائه.
...
الإثنين يوليو 07, 2008 9:01 pm